Welcome to my blog, hope you enjoy reading
RSS

الثلاثاء، 10 نوفمبر 2009

حبوب الشجاعة

حبوب الشجاعة


كنت قد تعودت منذ سنوات فى طريق عودتى من الجامعه الى المنزل على رؤية رجل ذو ملامح مصرية سمراء بسيط فى هيئته يرتدى جلباب فاتح اللون ويعتمر طاقيه داكنة يمسك فى يده اذكار الصباح والمساء او ادعيه ويبيعها لطلاب الجامعة والمارة فى الطريق
وكنت دائما تحدثنى نفسى لماذا لا يجد هذا الرجل عملا اخر اكرم له الا يخشى من نظرات اولاده له ؟ الا يستحى ولديه القدره على الوقف ان يستجدى عطف الناس لكى يكسب قوت يومه ؟
كثيرا من الاسئله كانت تدور بخاطرى عندما اراه ولم اكن ابدى اى تعاطف معه بل كنت فى بعض الاحيان انظر له واقول فى نفسى ( الى اختشوا ماتوا )
وفى احدى الايام وفى طريق العودة مررت بجانبه كالمعتاد وكنت قد ضقت ذرعا بحاله السلبيه الموجوده بالمجتمع وقدرتنا الهائله على الاعتراض فى الخفاء دون مواجهه المعترض عليهم , واستجمعت شجاعتى ورجعت أدراجى اليه لأنقل تساؤلاتى الكثيرة إليه وكنت اقول انه قد يستحى ويجد لنفسه عملا اكثر احتراما .
تظاهرت فى بدايه الامر انى أريد ان اشترى منه بعض هذه الاذكار لافتح معه حوار ورحت اصوب له اسئلتى واحدا تلو الاخر بلا هواده وكانه مدفع مصوب اليه
انا : حضرتك عارف ان بقالى اد ايه بشوفك فى المكان ده ؟!!!
عم فلان : اه انا بشوفك من زمان اوى بتعدى من هنا
انا : اه تقريبا من ساعه ما دخلت الجامعه ودلوقتى انا خلصت وتخرجت من زمان , طب هو ليه ماتشوفلك شغلانه تانيه
عم فلان : اصل هاشتغل ايه دى خلاص حاجه اتعودت عليها
انا : اكيد فى شغلانه اكرم لحضرتك من الوقفه دى
عم فلان : والله ايدى على كتفك
كنت قد بدأت ان احس انه شخصيه انتهازيه ويستجدون قوت يومهم من استدراج عواطف الناس مثل الكثيرين الموجودين بهذا العصر
انا : طب حضرتك مابتخافش اولادك يتكسفوا من وقفتك دى , انت تحب تعرضهم للموقف ده ومايكونوش قادرين يعتزوا بشغله والدهم
عم فلان : ابتسامه خافته ونظره مليئه بالكثير من الاسى
انا : على العموم دور وان شاء الله هتلاقى
كنت قد هممت بالانصراف واكمال طريقى و كنت قد بدات ان احس ببعض الارتياح لتوجيهى هذه الاسئلة حقيقه لم اكن اريد من اسئلتى هذه سوى بيان الاعتراض على هذه الحاله ولم تكن تعنينى اجابات هذ الاسئله لانى أعلم انى لن اجد لها اجابات وفى مخيلتى انى قد وصلت لغاياتى
ولكنه قاطع توارد افكارى وقال لى بلكنته الصعيدية
على فكرة انا مش جاهل انا دارس فقه وسيره وسنه وخريج ازهرى !!!!
ولعلمك انا كنت امام فى الجامع كمان وكنت بدى للناس دروس!!
نزلت هذه الكلمات على كالصاقعه , وسألته لماذا أذن تفعل بنفسك هذا
قال لى بكلمات بطيئه وكانها تتعثر فى طريق خروجها
انا كنت امام فى الجامع ومتعين تبع الازهر وانا من سوهاج وواحد صاحبى كان عايز يعمل سلفه وحد يضمنه فى 2000 جنيه وقصدنى وانا ضمنته وقلت ده واحد حبيبى وعارفه والكلام ده كان اكتر من 10 سنين
وبعد ما ضمنته جاب تلفزيون وعرفت انه باع وسافر قلت هايرجع تلاقيه راح يقضى مصلحه فى بحرى وهايجى تانى ومحطتش فى دماغى
لحد ما فى يوم لاقيت ورقه جيالى على البيت ان عليا حكم سجن تلات سنين وان الحكم طلع غيابى وانا مكنتش اعرف ان فيه محكمه اصلا ومحدش بلغنى بيه
واتحبست التلات سنين فعلا وبعدها عملت جوابات كتير للوزارة علشان ارجع شغلى تانى لانى ماليش ذنب والوزاره وفقت لكن الاداره فى البلد عندنا رفضت رفض تام ومقدرتش ارجع لوظفيتى تانى
وانا كان عندى تلات ولاد وامهم ولازم اصرف عليهم
تركت سوهاج وجيت هنا ادور على شغل وعند نزولى من الميكروباص وقعت وكسرت قدمى من ناحيه الكاحل فلا استطيع ان احمل اوزان ثقيلة
فلم اجد غير هذه المهنه
اما عن اولادى فابنى الكبير معيد فى كليه الشريعه والاخر ذو وظيفه محترمه باحدى المطارات والصغرى فى كليه الاعلام قسم الصحافه وتتخرج كل سنه بامتياز
وقد قلت لهم ان كل من يعمل منكم لا اريد منه قرشا واحد وان بيتى سوف اظل اصررف عليه حتى اخر يوم فى حياتى
وعندما يقرر كل واحد منكم الارتباط لا يقول انى ابيه وسوف اجلس مع المدعويين فقط وساكتفى برؤيتكم سعداء !!!
حقيقه لم اجد الكلمات المناسبه للرد عليه وكان جزء كبير من افكارى تتداخل بداخل بعضها البعض ولكنى احسست بالتعاطف معه ولم اكن قد غيرت قناعتى بانه يجب عليه الاستسلام والرضا بهذ الوضع وعليه السعى لايجاد ماهو افضل
ودعته وانصرفت وقد طلب منى ان أسال عليه من فتره لاخرى وقد وعدته بذلك واكملت طريقى.
لم يمضى سوى خمس دقائق من انصرافى عن هذا الرجل الا وقد وجدتنى امام امرأه فى اوائل العقد الثالث بالموقف وتطلب من رجل يبدو عليه الوقار اجره المواصلات وقد هم الرجل فعلا باخراج المال من محفظظته ولكن حظها العاثر
انى رأيتها تاخد من احد الماره الاخرين اجره المواصلات
لم اشعر بنفسى الا وانا التفت الى هذا الرجل وقلت له بهدوء ان هذه السيده قد اخذت بالفعل اجره المواصلات من احد الماره ولم التفت اليها
ولكنى تركت ورائى سيل من الشتائم والدعاوى المصبوبه عليا صبا
ومن بين هذه الكلمات كانت حرام عليكى احنا بنسترزق ليه كده ؟؟؟
كنت مستاءة جدا جدا من ابتزاز مشاعرى وتحويلها لشكل مادى فى نقود او اجرة المواصلات اللعينه تلك.
ولكن عندما رجعت الى منزلى شعرت بعدم راحه من شجاعتى تلك وواجهت نفسى ببعض الاسئله التى لم تكن تخطر ببالى
باى حق اطلب من هذا الرجل وتلك المرأه ان يجدوا عملا افضل ؟ أمن كثره فرص العمل الموجوده بيبنا؟؟
الا يمكن ان يكون فى انتظار هذه السيده التى فى نظر المجتمع نصابه العديد من الافواه الجائعه المنتظره لعودتها لهم بما يسد رمقهم؟
لماذا الومهم على ما اسميته نصبا؟؟ أألومهم لان نصبهم ظاهرا للعيان , لكنى لا استطيع ان اتبين نصب من هم اكبرا منصبا ويستطيعون النصب بطرق يظهر من خلالها ان كل شئ رسمى وقانونى ؟
لم استطيع ان اجد تفسير يريح عقلى من هذا الصراع الدائر بداخلها
حقيقا لم أعدى ادرى اهم جناة ام مجنى عليهم ؟؟!!